الجمعة، 7 مارس 2014

هل عمر نوح عليه السلام 950 سنة ؟؟

هناك مقالات عديدة ويتيوب ايضا عن هذا الموضوع ..لنستعرض المقالات مع اني على الحياد منها انما اعرضها فقط ....




هل عاش نوح ألف عام؟! وكيف؟

هذا سؤالٌ بقيت أسأله كلما قرأت الآية الواردة في سورة العنكبوت (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ).
إن السؤال مني لا يعني الارتياب في كلام الله؛ حاشا الله؛ ولكنه سؤال بحثٍ واستئناسٍ، عسى أن أجد سبيلاً يعيد الأمر إلى المعهود من شأن البشر، والمعهود من سنن الله التي لا تتغير؛ ألم يقل الله: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا) ﴿فاطر: ٤٣﴾
وهكذا وردت مثل هذه الآيات في كثير من السور، وهذا يعني أن سنة الله في البشر لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول سواء في الأعمار أو في القدرات أو الصور، فالإنسان هو الإنسان، في كل زمانٍ ومكان، عمره محدود معروف وحجمه محدود معروف، وطوله وعرضه كذلك فلا اختلاف إلا في الألوان والألسنة واللغات أما في الصور والأطوال والأعمار فإنهم متقاربون ولا تفاوت بينهم في ذلك إلا بمقدارٍ يسيرٍ وهذا هو ما يشير إليه الله الخالق بقوله: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ” ﴿الروم: ٢٢﴾
إذن فكيف جاء التفاوت الواسع بين أعمار البشر المعروف لنا عبر العصور وبين عمر نوحٍ الذي هو واحد من البشر؟
إنه سؤالٌ يتكرر في ذهني، فهل أنا مرتابٌ في كلام الله علام الغيوب؟.
إن المحدود الفهم قد يقول ذلك عني، وبذلك قد يتهمني، ولكني أقول له: مهلاً  يا أخي لا تتعجل ، فمن حق الإنسان العاقل أن يسأل، والله قد خلق الإنسان بسمعٍ وبصرٍ وفؤادٍ لكي يفكر وفي آيات الله يتأمل.
فتعالوا نتفكر ونتأمل، عسى أن نجد في الآيات ما يجيب على السؤال؛ لا بد أولاً أن نسأل: هل كان قوم نوحٍ مثله معمرين إلى ألف سنة أو يزيد أو ينقص؟.
إن الآيات القرآنية لم تصرح بذلك، ولم تجعل لهم ميزة يمتازون بها على غيرهم في الخلق أو في أي شيءٍ آخر، بينما أشارت الآيات إلى غيرهم بإشارات تميزهم عن سواهم وأهم أولئك عادٌ وثمود وفرعون:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ) (الفجر:6)
ألا تلاحظون أن لكل قومٍ من هؤلاء ميزة يمتاز بها ، وعادة يعرف بها، بينما ذكر نوح وقومه مع هؤلاء وغيرهم في مواقع أخرى متساوين؛ (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ﴿١٢﴾ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴿١٣﴾وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴿١٤﴾)” (ق)
إن الآيات لم تذكر ميزة لقوم نوح إلا أنهم هم أظلم وأطغى، (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ) ﴿النجم: ٥٢﴾.
ثم إن الله يوضح لنا في سورة الأعراف أن قوم عاد امتازوا بميزة لم ينلها قوم نوح من قبلهم، فإن هوداً يقول لقومه مذكراً: (أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )﴿الأعراف: ٦٩﴾
أليس في زيادة قوم عادٍ بسطة في الخلق يدل على أنهم في الحجم أقوى وأكبر من قوم نوح؟! ومع ذلك لم يعرف عن قوم عادٍ زيادة في الأعمار على سواهم. إذن فإن قوم نوحٍ لم يعمروا أكثر من عمر غيرهم من البشر المعهود في سنن الله التي لا تتغير، ولتأكيد هذه الحقيقة فإننا نجد في كثير ن الآيات ما يخبرنا بميزاتٍ امتاز بها السابقون كلهم ليس منها طول العمر، فمثلاً يقول الله:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)﴿الروم: ٩﴾.ويقول:  (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِير)ِ﴿سبإ: ٤٥﴾،ويقول: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)﴿غافر: ٨٢﴾.
إن الامتياز الذي ناله المذكورون محصورٌ في القوة والكثرة في الأموال وفي العدد والكثرة في الآثار، وليس هناك كثرة في الأعمار؛ إذن فإن سنة الله لا تتغير في البشر عبر العصور، وأعمار الأولين لا تزيد ولا كانت أكثر على أعمار المتأخرين، وهذا هو الذي تؤكده الآيات ويجب أن نؤمن به ونعلمه علم اليقين إن كنا نقدر الله حق قدره ونعظم الله رب العالمين الذي يقول:(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ) ﴿الملك: ٣﴾
وهكذا يتضح لنا أن قوم نوحٍ لم يعمروا أكثر من غيرهم من الأمم السابقة أو اللاحقة، ولتأكيد ما سبق أضيف أدلةً أخرى؛
ففي سورة المؤمنون وردت آيات قوم نوح حتى انتهت بهلاكهم، ثم جاء قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ)
ثم جاء بعدها قوله تعالى: ( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) .
إن الآيات بكاملها تدل على أن قوم نوحٍ كسواهم، بل إن كلمة (قرناً آخرين)، تشير إلى أن قوم نوحٍ لم يزيدوا على قريش أو لم يحتلوا من الزمن أكثر من قرنٍ مثل غيرهم من القرون السابقين أو اللاحقين.
وإذا عدنا إلى سورة نوحٍ فسنجده يقول لقومه: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٢﴾ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ﴿٣﴾ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾)
فقوله: (ويؤخركم إلى أجل مسمى) يدل على أن أعمارهم قليلة، ولو كانوا يعمرون ألف سنة لا يحتاجون إلى هذا الوعد الجميل لذي يستبشر به الناس المتطلعون إلى زيادة الأعمار، وعلى أي حالٍ فإن قضية اتفاق أعمار البشر في كل عصرٍ أمرٌ مفروغٌ منه، وعلى هذا فكيف عاش نوحٌ ألف عام في قومٍ لا يعمرون هذا المقدار من الأعمار؟ ولماذا؟.
لقد قيل إنه كان ينذر القوم ويكذبون ويموتون، ثم يأتي بعدهم آخرون ويكذبون ويموتون وهكذا حتى توالت القرون عليه وهم يكذبون حتى قال داعياً ربه: (وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا )
 وهذا زعمٌ لا دليل عليه فالله يقول: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه) فيضيف القوم إليه، ولا يمكن أن يكون هذا التعبير إلا للقوم المعاصرين لا للقوم الغابرين واللاحقين ثم إنه يقول في آية العنكبوت التي يدور الحديث حولها:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ)، فكلمة  (لبث فيهم) تدل على أن القوم هم القوم ليس هناك قومٌ مضوا وآخرون ولدوا كما يقال،،، ثم تأملوا (فأخذهم الطوفان وهم ظالمون)، فالطوفان أخذ نفس القوم الذين لبث فيهم نوح ولم يكن هناك قومٌ مضوا وقومٌ أخذوا حاشا فهذا لا يليق بعدل الله فلم يأخذ العذاب إلا الظالمين، ثم إن الضمير في “أخذهم” يعود إلى الذين كذبوا نوحاً، وهكذا نجد القضية في كل الآيات التي وردت فيها قصة نوح.
في سورة المؤمنون (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُون).
إن الآية الأخيرة تؤكد أن الملأ الذين كفروا من قومه هم الذين شكى منهم وطلب النصر عليهم لأنهم كذبوه فالضمير يعود إلى الملأ بلا شك، فماذا حدث؟.
(فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ).
وهكذا في سورة الأعراف فبعد ذكر الملأ تمضي الآيات حتى يقول الله: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ).
 أليس الضمير في كذبوه وكانوا وعمين يعود إلى الملأ المذكورين؟. بلى فهذا هو شأن اللغة بل كل اللغات، وكذلك في سورة هود: (وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴿٣٦﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ).
أما في سورة يونس فسنجد حقيقة تدل على أن أعمار قوم نوح كانت كمن جاء بعدهم أو قبلهم، يقول الله:(فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ) .
إن كلمة (جعلناهم خلائف) تعني أن الأمم التي جاءت بعدهم هي منهم، ولو كان قوم نوح أصحاب أعمار طوال لكان هذا شأن من جاؤوا بعدهم خلائف، لكن ذلك لم يكن ولم تطل أعمارهم بل لقد جاء في سورة الحاقة قوله تعالى مخاطباً لنا: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ). فنحن المحمولون على الجارية التي صنعها نوح، فكيف هي أعمارنا الآن؟ إنها كما تعرفون، فلا تبديل لسنة الله. وفي سورة يس~ يقول الله مخاطباً الناس الذين بعث إليهم محمد رسول الله وخاتم النبيين: (وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿٤١﴾ وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ).
ألا يكفي هذا السرد المسترسل دليلاً على أن أعمار قوم نوحٍ كانت كمن جاء بعدهم، ومن كان قبلهم، فسنة الله لا تتبدل ولن تتحول، فهل ينكر هذا من له قلبٌ يعقل؟.
وبعد هذا الاسترسال؛ نعود إلى السؤال الذي يلح علينا وعلى كل الأجيال، والسؤال هو: كيف عاش نوحٌ ألف عام؟. ولماذا هذا اللبث الطويل ما دام قومه مثل غيرهم من الأقوام ليس لهم عمر طويل؟.
إذا قلنا مثل من قال أنه كان ينذر القوم فيكذبون ويموتون ثم يأتي قومٌ آخرون فينذرون ويكذبون ويموتون وهكذا حتى توالت القرون ونوحٌ قائم ينذر السابقين واللاحقين؛ إذا قلنا هذا فإن إهلاك اللاحقين بذنوب السابقين لا يليق بعدل الله أحكم الحاكمين، هذا أولاً. ثم إذا قلنا غير هذا فإن رحمة الله لا ترضى أن يعذب رسوله الكريم هذا العذاب الأليم، فإن بقاء الرجل هذا العمر الطويل لا يعتبر إلا نوعاً من التكليف لا يطاق، وهذا أمرٌ قد نفاه الله عن نفسه فقال:( لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، بل وعلمنا أن ندعوه بقوله: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا).
 يا أيها القارئ الحصيف تصور معي حالك وأنت تعيش ألف عام، وأنت ترى الناس من حولك يموتون ويأتي بعدهم قومٌ آخرون ويموتون، وأنت ترى ذلك وتعيشه مدى الأعوام؛ ألا يداخلك السأم والملل والذعر والوجل والنكد والهم والحزن والغم؟!.
بلى إن ذلك مؤكدٌ محتمٌ، هذا وأنت لم تتكلف بإنذار هؤلاء الغابرين والقادمين وهم يكذبون ويستهزئون، فكيف وأنت تعاصر كل قادمٍ وتدعوه فيغادرك مكذباً يستهزئ، ثم يأتي القادم الجديد فإذا هو كسابقه مكذبٌ ساخر!!؛ إن هذا والله هو العذاب الشديد، فكيف رضاه الله لرسوله الرشيد؟، وهو الله الرحيم الودود، إذن فكيف عاش نوحٌ ألف عام في قومه؟ وكيف نفهم آية سورة العنكبوت؟.
لنعد إلى القرآن عسى أن نجد من الآيات الجواب الذي فيه البيان، ويتفق مع رحمة الله الرحمن، ومع سنن الله التي لا تتبدل مدى الزمان؛ فباسم الله نستقر الآيات عسى أن نصل إلى الجواب الصحيح..
إن الله يقول: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما).
فلماذا هذا التخالف في التعبير عن المدة؟. (ألف سنة إلا خمسين عاماً) لماذا لم يقل ألف سنة إلا خمسين سنة؟. أو ألف عامٍ إلا خمسين عاماً؟.
إن في التخالف مدخلاً لفهمٍ آخر جديد للآية، فكيف نفهم؟ وما هو المفهوم الأسلم؟.
لو عدنا إلى سورة يونس لوجدنا الله تعالى يقول:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّـهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ).
تأملوا قوله عن القمر بأنه: (قدره منازل) لماذا؟ (لتعلموا عد السنين) ومن المعروف أننا بهذا التقدير للقمر بأن جعله منازل إنما نعرف عدد أيام الشهور لا أيام السنين، فهو في أول الشهر هلال وهو في وسطه بدر وهو في كل منزلةٍ له اسمٌ عند العرب. لذلك فإن المراد بالسنين الشهور لا الأعوام، بدليل أن الله يقول في سورة البقرة: (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج).
إذن فما الأهلة إلا مواقيت للناس ومواقيت للحج، والمراد بذلك معرفة شهور الحج الأربعة التي هي “رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم”، فلا بد أن نعرف بالهلال بداية كل شهر ونهايته منها لتحدد بذلك موعد الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من الشهر لأن معرفة ذلك هامٌ جداً لأنه موعد للناس القادمين من كل فجٍ عميق فلا بد أن يحدد بدقة حتى لا يفوت على أحدٍ يوم الحج الأكبر وهو الوقوف بعرفات،، وهكذا فإن تقدير القمر منازل إنما هو لنعلم عدد أيام الشهور التي سماها الله سنين في سورة يونس، بل ولقد سماها كذلك في سورة الإسراء فقال:
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ).
ومن المعروف أن اختلاف الليل والنهار يعرفنا بعدد أيام الشهور فإذا عرفنا الشهور أولاً عرفنا الحساب العام وهو حساب الأعوام، وهكذا نصل إلى أن المراد بالسنين ألف شهر وهي تساوي ثمانين عاماً فإذا أخرجنا منها خمسين عاماً حسب الاستثناء فإنه قد لبث في قومه ثلاثين عاماً فقط، وهذا هو المناسب لسنن الله مع كل الأنبياء وفي كل العصور ومع كل البشر ولهذا فإن نوحاً يذكر مع غيره من الرسل على هذا الوضع بدون تمييز له بشيء، بل إنه يذكر في سورة التحريم مع لوط ولكل منهما له امرأة واحدة فلو كان لنوح عمر أطول لكان له أكثر من امرأته. ويذكر في سورة هود بأن له ابناً واحداً كان من المغرقين فلو كان تعمر ألف عام لكان له أكثر من ولد، وعلى أي حالٍ فلو تجاوزنا سورة هود فإن المؤرخين والمفسرين لا يذكرون له أكثر من ثلاثة أولاد هم سام ويافث وحام، وهم آباء الأمم الحالية التي أعمارها لا يتجاوز على الأكثر المائة وهذا ما يقوله الله عنهم: (وجعلنا ذريته هم الباقين).
وبعدُ؛ هل نستطيع بعد هذا أن نقتنع بما أوردناه، وأن نفهم آية العنكبوت فهماً يتفق مع سنن الله التي لا تتبدل؟.
ولعل هناك من اقتنع، ولا شك أن هناك من اعترض وامتنع، بل وهناك من يسأل ويقول: ولماذا أورد الله الآية بهذا الأسلوب المتشابه، وبهذه الطريقة المثيرة؟.
ونقول: لقد كانت سورة العنكبوت مكرسة لتأكيد أن الناس لا بد أن يفتنوا وأن عليهم أن يصبروا إن كانوا مؤمنين، ولما أراد أن يضرب مثلاً للصابرين المقاومين للفتنة بدأ بنوح وأورد معاناته مع قومه بهذا الأسلوب المثير ليثير الإنسان.
إنه يعظم الحال ليكون المؤمن مقاوماً للفتنة والضلال، فمهما انتعش الباطل وكثر الخبيث في كل مجال، فإن المؤمن أمام ذلك ثابت كالجبال.
ولقد أدرك الزمخشري في كشافه هذا المعنى المتوخى في أسلوب الآية فأشار إلى أن ذكر كلمة ألف أقوى في التأثير من أن يقول تسع مائة وخمسين.
سلام على نوح في العالمين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

5 Thoughts on “هل عاش نوح ألف عام؟! وكيف؟

  1. عبدالسّلام الهويمليon 18 مارس, 2013 at said:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هو رأي يستحقّ الدّرس والتدبّر لكن المؤكّد لدي أنّ سنّة الله المقصود بها هو التبليغ والتذكير من الله لعباده بأن يعبدوه لا يشركوا به فإن رفضوا وكفروا جائهم العذاب ، وهذه هي سنّة الله التي نجدها في القرآن على جميع الأمم التي سبقت ، وليس كما ذهبت في بحثك المقصود بها الأعمار وحجم الجسد
    كما أنّ المتعمّق في فهم القضاء والقدر يدرك بأنّ نعم الله على أيّ إنسان هي نفسها في القيمة منذ آدم وإلى اليوم ، ومعلوم أنّ الأمم التّي كانت قبلنا لا يملكون نفس المستوى المعيشي الذي نحن عليه اليوم ولو كانوا بنفس أعمارنا وأجسادنا لما كان الله عادلا بيننا وبينهم
    هذا من ناحيّة ، ومن ناحيّة أخرى ماذا يمكن أن يفهم القارئ من وصف القرآن لأصحاب الكهف :لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا ﴿18﴾ سورة الكهف … فما الذي يمكن أن يرعب غير أجسادهم العظام
    وإذا أثبت القرآن هذا الأمر فمن الطبيعي أنّ الجسم له علاقة بالعمر
    وأمّا بالنّسبة لقولك بأنّ كلمة السّنين يقصد بها الله الأشهر فأجيب
    يقول تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * ….. سورة الرّوم
    فهل المقصود بالسّنين هنا الشّهور ..؟
    وقول تعالى : فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ …. سورة يوسف
    فهل لبث يوسف هنا في السّجن بضع أشهر ..؟
    كذلك قوله تعالى :قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ ….. سورة يوسف
    وهذه الآية هي الفيصل بأنّ السنين مقصود بها أعوام وليس كما ذهبت من كون المقصود بالسّنين هي الشّهور
    وهذا رأيي الخاص بي
  2. دعوة الإمام المهدي بعدم المبالغة في الأنبياء والأئمة ونسائهم بغير الحق ..
    الإمام ناصر محمد اليماني
    06 – 03 – 1432 هـ
    09 – 02 – 2011 م
    02:00 AM
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}صدق الله العظيم [الأنعام:33]
    ويا أبا حمزة وجميع الذين لا يوقنون بفتوى الله في مُحكم كتابه بقوله تعالى:
    {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات]
    فهو يتكلم سُبحانه عن عذاب الطوفان وأفتاكم رب العالمين أنه أنجى رسول الله نوح عليه الصلاة والسلام وأهله وذريته، ولم أجد أن الله استثنى منهم أحداً بل قال الله الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} صدق الله العظيم، ومن خلال ذلك يوقن أولوا الالباب أن الذي أغرقه الله ليس من ذريته.
    ومن ثم حاجنى أبو حمزه بقول الله تعالى {ونادى نوحٌ ابنَه وكان في مَعْزلٍ} صدق الله العظيم [هود:42]، ثم رددنا عليه أنه يُعتبر أبوه بالتبني وأتيناه بالبرهان المبين عن الأبوين الصالحين اللذين لم يكن لديهما أولاد وقاموا بتربية ولد تم وضعه على باب دارهم وهو من ذريات الشياطين، وقاموا بتربيتة لوجه الله الكريم، وتبنوه وهو ليس من ذريته.م وجئناك بالفتوى من محكم كتاب الله في قول الله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} صدق الله العظيم [الكهف:81]
    ومن ثم وجدنا أبا حمزة يحرف كلام الله المحكم عن مواضعه المقصودة أنه لا يقصد الله تعالى: {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} أي من ذريتهم وحسبنا الله ونعم الوكيل, وها نحن نأتيه ببرهان آخر في قصة رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى:
    {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} صدق الله العظيم [يوسف:99]
    والجميع يعلمون أن أحد الأبوين ليس من أبوي رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام بل هي زوجة أبيه، وكذلك ابن نبي الله نوح -عليه الصلاة والسلام- وابن زوجته فأحدهم أبويه والآخر يعتبر أبوه بالتبني. ولذلك قال الله تعالى: {ونادى نوحٌ ابنَه وكان في مَعْزلٍ} صدق الله العظيم [هود:42]
    وكذلك الله يخاطبنا بنية المنادي الذي نادى الرجل ذلكم بأن نبي الله نوح كان يظنه ابنه من ذريته ولذلك قال: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ} صدق الله العظيم.
    ولكن أبا حمزة مستمسك بهذه الآية يعتبرها برهان مبين أنه ابنه من ذريته ونسي فتوى الله في محكم كتابه: {وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴿٤٥﴾قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [هود]
    ونبي الله نوح قد علم أن ابنه لمن الكافرين كونه رفض أن يركب مع أهله في السفينة، ولكنه لا يعلم أنه ليس ابنه، ولم تتبين له خيانة أحد زوجاته إلا بعد فتوى الله تعالى لنبيه: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} صدق الله العظيم، أي أن سبب وجوده بسبب عمل غير صالح من قبل إحدى زوجاته التي خانته مع أحد شياطين البشر وهو لا يعلم بمعنى أنه ليس من ذريته. ولذلك قال الله تعالى:
    {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥﴾وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦﴾وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴿٧٧﴾} صدق الله العظيم [الصافات]
    فبين الله لكم أنه ليس من أهله وليس من ذريته، فمن كذب بفتوى الله في محكم كتابه في زنا امرأة نبي الله نوح ولوط فإنه لم يكذب ناصر محمد اليماني بل كذب بفتوى الله رب العالمين, وأرى أبا حمزة يقول أن ناصر محمد اليماني يطعن في زوجات نبي الله نوح ولوط، وذلك افتراء من أبي حمزة كون ناصر محمد اليماني لا يطعن في زوجات نبي الله نوح ولوط جميعاً, بل أفتى بفتوى الله في محكم كتابه عن خيانة أحد زوجات نبي الله نوح وأحد زوجات نبي الله لوط، بل ويفتي أن ناصر محمد اليماني يطعن في عرض أنبياء الله والله المُستعان فلم يجدني الباحثون عن الحق أنني أفتي إلا عن خيانة إحدى زوجات نبي الله نوح وإحدى زوجات نبي الله لوط فقط، فلماذا تجعل الفتوى مجملة؟ وكأن نساء الأنبياء زانيات جميعاً!! أفلا تخاف الله؟؟ وتالله لا يطعن في عرضهم جميعاً سواك يا أبا حمزة بتحريف الفتوى عن موضعها المخصوص فتجعلها فتوى مجملة وتقول أن ناصر محمد اليماني يطعن في عرض نساء الأنبياء ولا قوة إلا بالله، وذلك الإفتراء من أبي حمزة لكي يلبس الحق بالباطل فيظن الباحثون عن الحق في ناصر محمد اليماني بغير الحق, أليس الله بأحكم الحاكمين, ويارجل وتالله لو أني أجد أن الله وعد أنبياءه جميعاً أن يعصم نساءهم جميعاً من السوء والفحشاء لما أخذتني العزة بالإثم ولكن الله لم يعد أنبياءه أن يعصم نساءهم من السوء والفحشاء، ولذلك يتوعد أن من أتت بفاحشة من نساء الأنبياء يضاعف لها العذاب كونهن لسْنَ كأحد من النساء كون المُسلمين سوف يتبعون ابن النبي من بعده بظنهم أنه ابنه، فإذا كان من ذريات الشياطين فسوف يضلهم عن الحق ضلالاً بعيداً, ولذلك قال الله تعالى:
    {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} صدق الله العظيم [الأحزاب:30]
    وهذا يعني أن الله لم يعد أنبياءه أنه سوف يعصم زوجاتهم من الزنا بل ذلك يعود لتقوى زوجاتهم ولذلك قال الله تعالى: { وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ﴿٣١﴾يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٣٢﴾وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ } صدق الله العظيم [الأحزاب]
    ولكن امرأة نوح اقترفت عملاً غير صالح وكان ذلك سبب وجود ذلك الولد الذي ليس من ذرية نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام, ويا عُلماء المُسلمين وأمتهم إنما نفتيكم بما أفتاكم الله في محكم كتابه بآيات بينات لعالمكم وجاهلكم فلماذا يكذب كثير منكم بفتوى خيانه إحدى نساء نبي الله نوح وإحدى نساء نبي الله لوط؟! وأما سبب عدم حمل إحدى نساء نبي الله لوط التي خانت زوجها فهي خانته وهي عجوز عاقر قاعد من الحيض. ولذلك قال الله تعالى:
    {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات]
    ولا أعلم أن عجوزاً قاعداً من الحيض تحمل أبداً إلا بمعجزة من رب العالمين كمثل زوجة نبي الله إبراهيم التي بشرها الله زوجها أنها سوف تحمل من زوجها بغلام عليم فكان ذلك لدى نبي الله إبراهيم وزوجته أمر عجيب خارق عن العادة, ولذلك قالت امرأة نبي الله إبراهيم عليهم الصلاة والسلام:
    {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} صدق الله العظيم [هود:72]
    وهذا ردنا على عدم حمل زوجة نبي الله لوط من الزنا كونها عجوزاً عقيماً قاعداً من الحيض, ولذلك قال الله تعالى:
    {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٣﴾إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ﴿١٣٤﴾إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ﴿١٣٥﴾} صدق الله العظيم [الصافات]
    ويا أحبتي في الله جميعاً ما كان للإمام المهدي أن يتبع أهواءكم بغير الحق فذلك من مبالغتكم في نساء الأنبياء بشكل عام أنهن طيبات طاهرات وتريدون أن تجعلوهن جميعاً معصومات من الخطيئة ولكن التي أحصنت فرجها منهن كمثل جدتي عائشة عليها الصلاة والسلام تجدون أن الله دافع عنها وبرأها في محكم كتابه بقوله تعالى:
    {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [النور:11]
    ولكن ليس معنى ذلك أن نساء الأنبياء معصومات من الخطيئة فبرغم أن نساء الأنبياء هُن أمهات المؤمنين الذين صدقوهم فاتبعوهم ولكن ليس معنى ذلك أنهن معصومات من الخطيئة بل حذرهن الله من ارتكاب الفاحشة كونهن لسنّ كأحد من نساء المُسلمين فخطؤها عظيم حين تغش زوجها ببهتان مبين ليس من ذريته, فذلك له عواقب وخيمة على الإسلام والمُسلمين، ولذلك تجدون أنهن برغم أنهن أمهات المؤمنين ولكن لا يعني ذلك أنهن معصومات من الخطيئة فيتبرجن أمام المؤمنين الغير محارمهن, بل تجدون أن الله حذرهن من التبرج وحذرهن من أن يخضعن بالقول اللطيف لأحدٍ من غير محارمهن. وقال الله تعالى:
    {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ﴿٣٢﴾وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} صدق الله العظيم [الأحزاب]
    والحكمة من ذلك لأن امرأة النبي إذا تبرجت فأظهرت مفاتنها للرجال وخضعت لهم بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيراودها عن نفسها فتقع في الخطيئة كونهن لسنّ معصومات من الخطيئة كما تعتقدون بغير الحق بسبب المبالغة في الرسل، ولكن الله يقول الحق ويهدي إلى صراطٍ مستقيم، فلو يتبع الإمام المهدي أهواءكم أن نساء الأنبياء والأئمة معصومات من الخطيئة إذاً لعرض الإمام المهدي نساءه إلى ارتكاب الخطيئة وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين، بل نساء الرسل والأئمة لسن معصومات من ارتكاب الخطيئة إلا من يتقين الله فلا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ولا يخضعن بالقول فيطمع فيهن الذي في قلبه مرض, فاتقوا الله أحبتي في الله، وكأني أرى حبيبي أمير النور يتمنى لو يعدل إمامه عن فتوى زنا إحدى زوجات نبي الله نوح وإحدى زوجات نبي الله لوط، ولكن يا حبيبي في الله أمير النور ما كان للإمام المهدي أن يتبع أهواءكم فذلك سوف يكون سبب المبالغة في الأنبياء والأئمة ونسائهم بغير الحق, بل مثل الأنبياء وزوجاتهم كمثلكم وزوجاتكم معرَّضين للخطيئة إذا وقعنا في المحذور وخلا أحدنا بامرأة ليست زوجته ولا من محارمه فقد يوقعه الشيطان معها كما أوقع امرأة إحدى نساء نبي الله نوح ولوط عليهم الصلاة والسلام, ألا وإن جميع الأنبياء والمُرسلين وزوجاتهم ليسوا معصومين من الخطيئة إلا من اتقى الله ربه، وإنما التقوى تدفع عن الرسول ارتكاب الخطيئة, ولكن مهما كانت تقواه فإذا وقع في المحذور وخلا بامرأة ليست من زوجاته ولا من محارمه فقد توقعه نفسه في المحذور وإنما كرّه الله إلى أنفس الأنبياء والمُرسلين والمؤمنين الكفر والفسوق والعصيان, ولكن إذا أوقع نفسه في المحذور وخلا بامرأة ليست من زوجاته فقد خلق الإنسان ضعيفاً، وبما أن رسول الله يوسف عليه الصلاة والسلام يعلم أنه ليس معصوم من ارتكاب الخطيئة برغم أن الله كرّه إلى نفسه الكفر والفسوق والعصيان، ولكنه يعلم أنه ليس معصوم من الخطيئة وخلق الإنسان ضعيفاً. ولذلك ناجى ربه وقال:
    {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} صدق الله العظيم [يوسف:33]
    فلمَ المُبالغة ياقوم في الأنبياء والأئمة ونسائهم؟ وإنما هم بشر مثلكم فمالكم كيف تحكمون!؟ أفلا تعلمون أن سبب شرك كثيراً من المُؤمنين هي المبالغة بغير الحق في الأنبياء والرسل والأئمة ونساءهم؟ بل نحن بشر مثلكم ونساؤنا بشر مثلكم وخلقنا الله ضعاف أمام شهوة النفس الأمارة بالسوء، وإنما ينهى الإنسان التقي نفسه عن الهوى بالعقل وبالمقاومة بعدم اتباع الشهوات, ألا وإنما أمركم الله بغض البصر وتحجب نساؤكم تخفيفاً من ربكم ورحمة كون الإنسان خلق ضعيفاً. وقال الله تعالى:
    {وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴿٢٧﴾يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [النساء]
    ولكنكم تبالغون في أنبياء الله ورسله ونسائهم وذرياتهم برغم أنهم بشر مثلكم كما أفتاكم محمد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بما أمره ربه أن يقول:
    {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُم} صدق الله العظيم [فصل:6]
    وكذلك جميع الرسل من رب العالمين يقولون لأقوامهم كمثل قول محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وقال الله تعالى:
    {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} صدق الله العظيم [إبراهيم:11]
    وإنما يقاوم التقي شهوة نفسه فيمنعها من اتباع الشهوات وينيب إلى ربه ليثبت قلبه، فما خطبكم تبالغون في أنبياء الله ورسله وزوجاتهم أنهم معصومون من الخطيئة ولا ينبغي لأحد منهم أن يخطىء؟ وبسبب المبالغة بغير الحق كان السبب الرئيسي لشرك كثير من المؤمنين. وقال الله تعالى:
    {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} صدق الله العظيم [يوسف:106]
    وبسبب المبالغة فيهم زعمت الأمم أنهم شفعاؤهم يوم الدين وصنعوا لهم تماثيلاً أصناماً من بعد موتهم، وحصروا لهم الوسيلة إلى الله من دونهم حتى إذا جمعهم الله بأنبيائهم وقال لرسله:
    {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴿١٧﴾قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [الفرقان]
    ويقصد “أأنتم يامعشر الرسل أضللتم عبادي فحصرتم لكم الوسيلة إلى الله من دونهم ووعدتموهم بالشفاعة لهم بين يدي؟” ومن ثم ردّ الرسل والأئمة المُكرمون على ربهم وقالوا:
    {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًاِ} صدق الله العظيم
    ومن ثم ردّ الله على الذين لا يؤمنون بالله إلا وهم مشركون بسبب المبالغة في الرسل والأئمة وقال لهم:
    {فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًاِ} صدق الله العظيم [الفرقان:19]
    ولكن لو يتبع الإمام المهدي أهواءكم وأقول كمثل قولكم أنه لا ينبغي لأحد من نساء الأنبياء والأئمة أن ترتكب الفاحشة إذا خلت برجل غريب أو تبرجت أو خضعت للرجال بالقول وأقول كمثل قولكم أنهن معصومات من الخطيئة كونهن من نساء الأنبياء والمرسلين والأئمة كونهم معصومين من الخطيئة إذا فلن تغنوا عني من الله شيئاً، وما كان للحق أن يتبع أهواءكم، حقيق لا أقول على الله إلا الحق فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
    ويا أبا حمزة المصري إني لا أجبرك على المُباهلة وإنما الذي أجبرني على أن أدعوك للمُباهلة هو أنك تدعو للإشراك بالله, ولربما يود محمود أن يقاطعني فيقول: “ومنذ متى أدعو للإشراك بالله يا ناصر محمد اليماني؟” ومن ثم نرد عليه ونقول: ذلك يا محمود كونك تدعو إلى تصديق عقيدة شفاعة العبيد بين يدي الرب المعبود وإني أشهدُ الله أني لمن أشدُ الناس كفراً بشفاعة العبيد بين يدي الرب المعبود فكيف يشفع العبد بين يدي أرحم الراحمين؟! فذلك مناقض لصفات الرب فكيف يشفع من هو أدنى رحمة من الله بين يدي الله أرحم الراحمين؟! ولذلك ضرب الله لكم مثل امرأة نوح ولوط بغض النظر عما فعلن، والمهم أن نبي الله نوح ونبي الله لوط لم يغنوا عن زوجاتهم من أصحاب النار شيئاً. ولذلك قال الله تعالى:
    {فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِين} صدق الله العظيم [التحريم:10]
    ويا أحبتي في الله إنما الإمام المهدي بشر مثلكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه الأنبياء والمُرسلين:
    {اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} صدق الله العظيم [المائدة:72]
    وأدعوكم إلى عدم المُبالغة في أنبياء الله ورسله وأئمة الكتاب ونسائهم كونهم بشر مثلكم ولا تحصروا الوسيلة إلى الله لهم من دونكم فإن فعلتم وحصرتم الوسيلة لهم من دونكم فقد عصيتم أمر الله إليكم في محكم كتابه في قول الله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:35]
    فذلكم هو هدي الأنبياء والمُرسلين ومن اتبعهم بالحق إلى يوم الدين. تصديقاً لقول الله تعالى:
    {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} صدق الله العظيم [الإسراء:57]
    لم يحصروا الوسيلة لأحد منهم من دون الله بل تجدونهم يتنافسون جميعاً إلى ربهم أيهم أقرب من غير تفضيل لعبد على عبد, ولكن الذين لا يؤمنون أكثرهم بالله إلا وهم مُشركون سوف ينكرون ذلك على الإمام ناصر محمد اليماني ويقولون: “كيف تريدنا أن ننافس محمد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في حب الله وقربه بل هو الأولى أن يكون هو الأحب والأقرب إلى الله منا ولذلك تجدنا نسأل الله له الوسيلة عند كل صلاة كوننا نرجوا شفاعته بين يدي الله”، ومن ثم يرد عليهم الإمام المهدي وأقول: فإني أشهدُ الله شهادة الحق اليقين أنكم إذاً لمن المُشركين بالله ولن تجدوا لكم من دون الله ولياً ولا نصيراً كون الله إنما ابتعث رسله ليدعوا عباده إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويتنافسون في حبه وقربه ونعيم رضوان نفسه وينفون جميعاً شفاعة العبيد بين يدي الرب المعبود. وقال الله تعالى:
    {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:51]
    وما ينبغي للإمام المهدي أن يأمر أنصاره أن يذروا له الوسيلة إلى الله من دونهم بأن يسألوها له من دونهم إذاً فقد أمرتهم بالإشراك لو أفعل وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين, ولم يأمر جدي محمد رسول الله المُسلمين أن يذروا له الوسيلة إلى الله من دونهم ولم يأمرهم أن يسألوها له من دونهم وما ينبغي له أفلا تتقون!؟ ولماذا إذاً ابتعث الله أنبياءه ورُسله والإمام المهدي إلا ليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة الرب المعبود الله وحده لا شريك له, وكذلك يدعوكم الإمام المهدي وأجاهدكم بكتاب الله القرآن العظيم جهاداً كبيراً لعلكم تتقون, ولكن أبا حمزة المحترم يصفني بالضال المضل للأمة عن الصراط المستقيم ويصدُ عنا اتباع ناصر محمد اليماني صدوداً كبيراً فمن اتبع محمود المصري وجعل الإمام المهدي وراء ظهره فقد غضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً مهينا وما بعد الحق إلا الضلال, فكيف يكون ناصر محمد اليماني على ضلال مبين وهو يدعوكم إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما ينبغي أن يعبد سُبحانه وتعالى علواً كبيراً؟! وكيف يكون الإمام ناصر محمد اليماني على ضلال وهو يدعوكم إلى اتباع كتاب الله القرآن العظيم وسنة نبيه الحق التي لا تخالف لمحكم القرآن العظيم؟! وكيف يكون الإمام ناصر محمد اليماني على ضلال وهو يدعوكم للاحتكام إلى كتاب الله القرآن العظيم المحفوظ من التحريف ويأمركم أن تتبعوا آيات الكتاب المُحكمات البينات هُنَّ أم الكتاب آيات بينات لعالمكم وجاهلكم والكفر بما يخالف لمحكم كتاب الله القرآن العظيم سواء يكون في التوراة والإنجيل والسنة النبوية أفلا تتقون؟! ولكن أبا حمزة يصدُّ عن هذه الدعوة المُباركة صدوداً كبيراً في العالمين وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً مُهينا إلا أن يتوب إلى الله متاباً.
    فكيف أني أجادله بآيات بينات من آيات أم الكتاب فيذهب إلى آيات أخرى متشابهات ليؤولها من عند نفسه بغير سلطان العلم من محكم كتاب الله, ويا عجبي الشديد من بعض المؤمنين كيف أنه يترك آيات محكمات بينه في قلب وذات الموضوع فيذهب إلى آيات أخر متشابهات لا يعلم بتأوليهن ثم يؤولهن من عند نفسه! أولئك في قلوبهم زيغ عن الحق المحكم في آيات أم الكتاب البينات ولذلك قال الله تعالى:
    {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ}
    صدق الله العظيم [آل عمران:7]
    إي وربي {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} صدق الله العظيم
    اللهم قد بلغت اللهم فاشهد وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين..
    خليفة الله وعبده الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
  3. قصة نوح رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
    هذا رسول الله نوح عليه الصلاة والسلام مناجي ربه، قال تعالى: { رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} صدق الله العظيم [هود:45]
    فهذا نوح يقول يارب إن ابني من أهلي وأنت أحكم الحاكمين ولكن الله بيّن لهُ أنه ليس ابنه بل ثمرة عمل غير صالح بسبب خيانة زوجته مع أحد شياطين البشر من الذين لا يلدون إلا وهم فُجّاراً كُفّاراً من الذين شملتهم دعوة نوح عليه الصلاة والسلام. ويريد الله أن يُطهر الأرض منهم تطهيراً كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.
    ولكنكم رأيتم رد الله إلى نوح وكأنه صار في نفس الله شيء من نوح بسبب دعوته وقال:
    {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} صدق الله العظيم [هود:46]
    فأدرك نوح بأنه صار في نفس ربه شيء بسبب سؤاله من ربه لشيء ليس له به علم وقال:
    {رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} [هود:47]
    وأما سبب الرد الجاف من رب العالمين إلى رسوله نوح وذلك لأن الله قد أفتاه من قبل أن يصنع السفينة بأنه لن يؤمن له من قومه إلا من قد آمن لو لبث فيهم ألف سنة أخرى وذلك لأنهم قد صاروا أجمعين من ذُريات الشياطين. ثم قال نوح:
    {رَّ‌بِّ لَا تَذَرْ‌ عَلَى الْأَرْ‌ضِ مِنَ الْكَافِرِ‌ينَ دَيَّارً‌ا ﴿٢٦﴾ إِنَّكَ إِن تَذَرْ‌هُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرً‌ا كَفَّارً‌ا﴿٢٧﴾} [نوح]
    ثم وعد الله نوح بالإجابة وأنه سوف يغرقهم أجمعين وعليه أن يصنع السفينة، ثم أمره أن لا يخاطبه في الذين ظلموا إنهم مغرقون أجمعون ..
    ولكن لماذا أوحى الله إلى رسوله بالأمر بأن لا يُخاطبه في الذين ظلموا وأنه سوف يغرقهم أجمعين فلا يذر على الأرض منهم ديّاراً واحداً إجابة لدعوة نوح وقال:
    {رَّ‌بِّ لَا تَذَرْ‌ عَلَى الْأَرْ‌ضِ مِنَ الْكَافِرِ‌ينَ دَيَّارً‌ا ﴿٢٦﴾ إِنَّكَ إِن تَذَرْ‌هُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرً‌ا كَفَّارً‌ا ﴿٢٧﴾} [نوح]
    ولكني أكرر وأقول لماذا يأمر الله رسوله نوح بالأمر أن لا يُخاطبه في الذين ظلموا برغم أن الهلاك إجابة لدعوة نوح على الكافرين؟ فهل تعلمون لماذا؟ وذلك لأنه يعلم بأن ولده سوف يكون من المغرقين معهم وأن نوح سوف تأخذه الشفقة والرحمة بولده وسوف يُخاطب الله في شأن ولده مُخالفاً أمر ربه الذي أوحى إليه من قبل في قوله تعالى:
    {وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿٣٦﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَ‌قُونَ ﴿٣٧﴾}صدق الله العظيم [هود]
    ولكن الشفقة والرحمة بولده أجبرته على مخالفة الأمر{وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}. ولكن نوح خاطب ربه في شأن ولده وفتنته الرحمة والشفقة بولده فتناسى أمر ربه، ألا يعلم بأن الله هو أرحم الراحمين؟
    لذلك وجدتم الرد من الله على نوح كان قاسياً {فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين}.
    ولكن نوح أدرك بأنه تجاوز الحدود في شيء لا يحيط به علماً وأن الله صار في نفسه شيء من عبده ورسوله نوح عليه الصلاة والسلام بسبب تجاوزه الحدود في مسألة لا يحيط بها علماً، ولأن نوح أدرك ما في نفس ربه عليه من خلال الرد القاسي لذلك قال:
    {رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} صدق الله العظيم [هود:47]
    ويدرك مدى خطابي هذا الراسخون في العلم بمعرفة ربهم، وإنما يخشى الله من عباده العُلماء بمعرفة عظمة ربهم فيقدروه حق قدره فلا يدعون من دونه أحداً،والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
    أخوكم الإمام ناصر محمد اليماني..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

وهذا ندوة مع محمد شحرور يكشف سر عمر نوح عليه السلام 


http://www.youtube.com/watch?v=TI9wYMHG2tI